فــــــــي ظــــــــلال الرمــــــــــان
جريدة الرأي : كريمان الكيالي - .. لن نلوم بعد اليوم ثمار البرتقال والليمون والبندوره والبطاطا ، اذا اعلنوا اضرابا وطالبوا ان يكون لكل منهم معرضا وسيدة ووشاحا ودرعا ، دعابة لطيفة أطلقها بعض من أبدوا اعجابهم بمعرض الرمان الاردني السنوي الذي اقيم مؤخراللعام الثاني على التوالي في إربد.
في تجربة فريدة وعلى خلاف معايير في مهرجانات مماثلة في بعض الدول ، يتم فيها التنافس على القاب لفتيات ترتبط بالخضار والفاكهة ، لم يمنح اللقب والوشاح الا لإمرأة امتزجت طموحاتها واحلامها بطعم الرمان ، امتلكت ارادة ومثابرة ، زرعت بساتين من فاكهة لم تخذلها بل كانت لها الرفيق والملاذ من الفاقة والعوز ، فاستحقت بجدارة ان تكون سيدة الرمان .
ثمة علاقة استثنائية بين المرأة وثمرة تحمل مقومات مختلفة من الجمال والخصب والانتماء والعمل و العطاء والرغبة في التميز ، و سيدة الرمان نموذج جميل للمزارعة الاردنية التي تكد وتتعب في الحقول ، في شراكة حقيقية مع الرجل في اكثر القطاعات حيوية في الاردن.
سيدة الرمان كرمت نفسها قبل ان يكرمها الاخرون ، خلال الاستعدادات لافتتاح المعرض الاول للرمان في العام الماضي 2008 يقول مديرالارشاد بزراعة اربد م.فواز ابو سالم ، حيث كنا نقوم بجولة على بساتين الرمان ، وجدنا السيدة حليمة الخطيب تعمل بكل جد هي وابناؤها وبناتها في بساتين الرمان، وتقوم كذلك باعداد دبس الرمان على طرف الكرم، وعلمنا بأن زراعة هذه الفاكهة الخريفية مصدر رزقها الوحيد وسلاحها التي تواجه به الزمن ،تنفق منه على بيتها وتعليم ابنائها ، وعلمنا بان لديها ابنتان في المرحلة الجامعية ، لهذا كان لا من تكريم هذه السيدة المكافحة .
سيدة الرمان 2009 اعتدال عبيدات ام غيث احبت الارض والرمان منذ كانت طفلة ، فهي من قرية كفرسوم-لواء بني كنانة التي تشتهر بزراعة هذه الفاكهة ، ولما تزوجت لم تجد سوى الرمان ، يساعدها في اعالة اسرتها الكبيرة، فلديها تسعة ابناء، والراتب التقاعدي للزوج لايكفي لتوفير حياة كريمة، الجميل انهم جميع افراد الاسرة الزوج ابو غيث والابناء لم ينسوا فضل الرمان عليهم ، فنزلوا جميعهم الى الحقول يساعدون الام الطيبة والزوجة المثابرة في هذه المهمة .
كما كان لالتحاقها بالدورات التي نظمها المركز الوطني للبحث والارشاد الزراعي ، فقد ساهم في تطويرخبرتها ، فالزراعة كما تقول ليست غرسة وتراب وماء، هناك طرق واساليب حديثة في الرعاية والتسميد والتقليم والري ومكافحة الافات ، بخاصة وان هذه الفاكهة تحتاج الى رعاية طيلة العام ، من حيث التحطيب والتعشيب والسقي وغيرها.
فرحة ام غيث باللقب وتوابعه من وشاح ودرع لاتوصف وتقول :الرمان اعطاني الكثير . احساس بالفخر والاعتزاز بنفسي وأسرتي واهل قريتي ، الرمان ثمرة لها مكانة مختلفة عندي اولا ، لأنها من ثمار الجنة ، ثم هي قديمة جدا عرفت منذ عهد الرومان ، أشعر بأنني امرأة منتجة ، تعطي مثلما تأخذ، لست سوى نموذج لجانب واحد هو زراعة الرمان ، هناك نسبة كبيرة من النساء في قريتنا ، يعملن في الزراعة والتجارة ومن بيوتهن ، يساهمن في الانفاق على اسرهن في مواجهة الغلاء والظروف .
اعتماد ليبل خاص بالرمان يؤكد بان المعرض السنوي الثاني واقيم هذا العام بدار المعلمين باربد ليس استعراضا لما يقارب 25 نوعا من الرمان ومنتجاته من عصير ودبس ، بل حملة وطنية لادارة قطاع الرمان والتعريف بانواعه وفوائده والبحث عن اليات لتسويقه خارج البلاد ، وتوصيله للمستهلك الاردني ، اضافة الى نشرثقافة الرمان بين المواطنين كما يقول م.ابوسالم ، فهي شجرة مباركة ورد ذكرها في القرآن الكريم ، فيها كثير من الفوائد لصحة الناس ، ومن الجميل ان يقوم المواطن بزراعتها في بيته و حديقته ، بدل اشجار الزينة ، ياكل من ثمارها ، بخاصة وان زراعتها لاتحتاج الى ماء كثير ، فالرمان غذاء وعلاج وشجرة رائعة المنظر في الوقت نفسه.
وتشير دراسات لباحثين من جامعة اوتاوه بامريكا بأن تناول منتجات نباتية مصدرها حدائق المنازل سلوك صحي يرفع من معدل تناول افراد الاسرة للخضار والفواكه ، كما نشرت مجلة الرابطة الامريكية للتغذية نتائج استطلاع ميداني شمل 1700 اسرة في ريف ميسوري وصفت بالمفاجأة ، حين تبين بأن الاطفال الذي يعيشون في المناطق الريفية اكثر تناولا لهذا النوع من المنتج البيتيوبالتالي اقل عرضة للاصابة بامراض السمنة التي تتسبب بها الوجبات السريعة ..
وتفيد ابحاث حديثة بان الرمان يوفراحتياجات الجسم الاساسية من العناصر الغذائية ، لاحتوائه على البروتينات والسكريات والدهون والاملاح المعدنية والفيتامينات والماء ويعالج اكثر من 11 مرضا منها فقر الدم وبذوره تقضي على البكتيريا المسببة للاسهال و تقوي القلب والمعدة وتدر البول وتشفى عسر الهضم ، اما قشوره فتفيد في طرد الديدان الشريطية من الامعاء.
السبت أكتوبر 24, 2009 12:26 pm