الصادق Admin
عدد الرسائل : 345 تاريخ التسجيل : 04/01/2007
| موضوع: عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم :يجابه العقاد حقد المنكرين .. الخميس مايو 31, 2007 7:01 pm | |
|
واحد من أعظم ما خط الأديب والمفكر العربي الشهير عباس محمود العقاد ، إنه "عبقرية محمد" ، والذي أتبعه الكاتب بسلسلة من العبقريات خصت كبار الصحابة وسيدنا عيسى عليه السلام ، دفعه لكتابتها بعد جهد ثلاثين عاماً من القراءة والتمحيص ذلك التقدير الكبير لرجل تحولت بحول الله على يده مقاليد الدنيا ، وتفجر الحق ينبوعا من قلوب المخلصين المهتدين برسالته المحمدية التوحيدية الخالدة ، خاتم النبيين والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ، رآه العقاد مثالا للعبقرية الكاملة كإنسان وداعية و سياسي وإداري وقائد وزوج وأب وصديق وفي أي دور مارسه بالحياة ، جلب حقد أعدائه عليه لأنهم لم يروا متبعين يحبون زعيمهم أكثر من المسلمين فدعوته بإيجاز نقلت الواحد فيهم من الموت للحياة ، وجاء ليخلص العالم من الظلام والجاهلية وامتهان البشر ويدعوهم للعمل ليوم آخر بعد الممات حيث الإنسان إما إلى جنة أو نار .
محيط - قراءة: هاني ضوَّه
هدف العبقرية
يعتبر "عبقرية محمد" أحد أشهر الكتب التي أنتجها العقاد في حياته الأدبية الزاخرة . فالكتاب يدور حول تفرد النبي صلَّى الله عليه وسلم عن سائر البشر والذي تجلى في أفعاله ومواقفه وشخصه ، ويتصدى العقاد في هذا الكتاب للدفاع عن النبي الأمين ضد أقلام الكتاب المسيئة عن عمد وغير عمد لسيرة الرسول وأصدروا أحكاما جائرة.
مقدمة الكتاب تستعرض باسلوب قصصي ظروف إتمام العقاد للعبقرية. فيقول: كنت اشاهد مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف حينما أشار علي أصدقائي بتقديم سيرة النبي الكريم بأسلوب سلس معاصر قادر على التحليل، مسترشدين بالكاتب الانجليزى كارليل الذي خصص فصلاً من كتابه "الأبطال" للرسول صلى الله عليه وسلم ، باعتبار أنني اولى بأن أقدم للمكتبة العربية جهداً في هذا المجال .
ورغم أن العقاد وعد بالشروع في هذا العمل إلا أن ذلك لم يحدث إلا بعد مضي ثلاثين عاما وصفها العقاد: لازمة حتى يحتشد الفهم المستنير الذى لا يتأتى إلا بخبرة السنين.
وصف العقاد في الفصل الأول "علامات المولد" حال العالم والعرب وبالتحديد قبيلة قريش التي خرج منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه عالم فقد العقيدة كما فقد النظام ، وكان التفكك والتشرذم صفة كل "الدول" المحيطة بقريش التى كانت تملك مقومات الدولة لكنها لم تشكل ذلك الكيان.
كان لقبيلة قريش في مكة شعبتان إحداهما من أصحاب الترف و الطمع ، والأخرى من أصحاب التوسط بين القوي المستبد والضعيف المكره، وكان الرسول صلَّى الله عليه وسلم من بيت تلك الشعبة الوسطى له كرم النسب وليس له لؤم الثروة الجانحة. كان بيت عبد المطلب ينتمي إلى صميم قريش ومن أشرف عشائرها وإن لم يكن معدوداً من أثريائها، ورأس هذا البيت -عبد المطلب - هو سيد قومه رجل قوى الخلق حكيم.
يصف العقاد والد النبي صلَّى الله عليه وسلم ، عبد الله، بأنه أب من طينة الشهداء، يتجه إليه القلب بكل ما فيه من حب ورحمة، أقام مع عروسه ثلاثة أيام ثم سافر للتجارة فإذا هو سفر لا يؤوب منه الذاهبون، مات غريبا ، فولد النبي الكريم يتيم الأب . أصلح رجل من أصلح بيت بأصلح زمان
وتحت عنوان "رجل" نقرأ أن العالم كان يتطلع لنبي وأنه توافرت الظروف من قبيلة وبيت وأبوين أصلح ما يكونون لإنجاب ذلك النبي ؛ فهو عريق النسب، وكان فقيراً لا يطغيه بأس الأغنياء، وكان يتيماً بين رحماء ، وقد نشأ النبي صلَّى الله عليه وسلم خبيراً بضروب العيش في البادية والحضر تربى في الصحراء وألف المدينة، رعى القطعان واشتغل بالتجارة وشهد الحروب، واقترب من علية القوم ولم يبتعد عن الفقراء، ولو أراد الزعامة في قومه لنصبوه ، ولكنه كان أجل من ذلك صفاتا وهدفا .
تكلم العقاد في الفصل التالي عن "الدعوة" واعتبر العقاد رسالة محمد صلَّى الله عليه وسلم في توافقها من أعجب الأعاجيب لأنها مع ضخامتها وتعدد أجزائها فإنها متوافقة تماما بما يقبله العقل قبولاً سائغاً بغير عنت ولا استكراه ، فكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم مستكملا للصفات التي لا غناء عنها في إنجاح كل رسالة عظيمة من رسالات التاريخ، كانت له فصاحة اللسان واللغة ، وكانت القدرة على تأليف القلوب وجمع الثقة، وكانت له قوة الإيمان بدعوته وغيرته البالغة على نجاحها.
فصاحة سيدنا محمد صلَّى الله عليه وسلم يقول العقاد أنها تكاملت له في كلامه، وفي هيئة نطقه بكلامه، وفي موضوع كلامه ، فكان أعرب العرب، كما قال عليه الصلاة والسلام: "أنا قرشي واسترضعت في بني سعد بن بكر"، واتفقت الروايات على تنزيه نطقه من عيوب الحروف ومخارجها.
وسيدنا محمد كانت له مع الفصاحة صباحة ودماثة تحببانه إلى كل من رآه ، وهي صفة لم يختلف فيها صديق ولا عدو، وكان مشهوراً بصدقه وأمانته كاشتهاره بوسامته وحنانه، وشهد له بذلك أعداؤه ، فقد وقف يوما على جبل صفات وقال عليه الصلاة والسلام: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح الجبل أكنتم تصدقونني؟" فيقولون:" نعم، أنت عندنا غير متهم".
يعتبر العقاد في بابي الإيمان والغيرة أنهما صفتان لازمتان لكل داعية وقد قضى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام شبابه وهو يؤمن بفساد الزمان وضلال الأوثان، ولما آمن برسالته ودعوة ربه إياه بأداء تلك الرسالة لم يهجم على هذا الإيمان هجوم ساعة ولا هجوم يوم، ولكنه استوثق، واطمأن، وخطر له في فترة من الوحي أن الله تعالى أعرض عنه !! ، ولم يأذن له في دعوة الناس إلى دينه ثم تلقى الطمأنينة من وحي ربه ، فصدع بما أمر .
وعن نجاح الدعوة يذكر العقاد أن السر خلف نجاح دعوة الإسلام هو حاجة الدنيا إليها وتمهيد الحوادث لها ، معتبرا أن الدعوة المحمدية لم يكن لها بالخوارق للنجاح ولا لعلة تبررها ، فهي أوضح شيء فهما لمن أحب أن يفهم، وهي أقوم شيء سبيلاً لمن استقام.
كيف كانت عسكريته ؟
يجيب العقاد في هذا الفصل عن بعض الشبهات التي رددها المستشرقون ضد دعوة الإسلام قائلين بأنه انتشر بحد السيف ، فرغم أن النبي صلَّى الله عليه وسلم كان يحسن فنون الحرب إلا أن نفسه لم تكن تواقة للعدوان ، ولم يكن تجنبه للهجوم عجزا منه أو خوف وإنما لنظرته للحرب على أنها إحدى الضرورات البغيضة التي يلجأ إليها حينما لا تكون ثمة حيلة للاجتناب .
يستعرض العقاد عدداً من الحقائق المنطقية ردا على القول بأن الإسلام دين للقتال لأن الرأي قد يصدق إن استخدم النبي وأصحابه القتال ببداية عهد الدعوة ، وقد تعرض مئات المهتدين الجدد للإسلام في تلك الحقبة لسيوف المشركين وصنوف التعذيب المختلفة رجالا ونساءاً شيوخا وشباباً، ومع ذلك لم نسمع عن إيذائهم للمشركين وما استطاعوا فعله هو الهروب بإسلامهم هاجرين ديارهم وأموالهم بمكة .
إذن صبر المسلمون على المشركين حتى أمروا أن يقاتلوهم كافة كما يقاتلون المسلمين كافة، وكانت حروب النبي صلَّى الله عليه وسلم كلها دفاع، ولم تكن منها حرب هجوم إلا على سبيل المبادرة بالدفاع بعد الإيقان من نكث العهد والإصرار على القتال وتستوي فى ذلك حروبه مع قريش ومع اليهود أو مع الروم، ففى غزوة تبوك عاد الجيش الإسلامي أدراجه بعد أن أيقن بانصراف الروم عن القتال تلك السنة، وكان قد سرى إلى النبى صلَّى الله عليه وسلم نبأ أنهم يعبئون جيوشهم على حدود البلاد العربية فلما عدلوا عدل الجيش الإسلامي عن الغزوة على فرط ما تكلف من الجهد والمشقة.
ومقارنة بنابليون
اختار العقاد أبرع القادة المحدثين وهو القائد نابليون بونابرت ليقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سبقه في أبرع تكتيكاته العسكرية ومن أشهرها الخطة المعتمدة على اختيار الموقع الملائم والفرصة ومعاجلة العدو قبل تمام استعداده ، وبالفعل فعلها النبي صلوات الله عليه والذي لم يمهل أعدائه الفرصة لمهاجمته إذا علم بعزمهم على ذلك وهذا ما روي عنه في غزوة تبوك .
وكان نابليون يقول أن نسبة القوة المعنوية إلى الكثرة العددية كنسبة ثلاثة إلى واحد .. والنبى صلَّى الله عليه وسلم كان عظيم الاعتماد على هذه القوة المعنوية التى هي فى الحقيقة قوة الإيمان .
نابليون كان لا يغفل عن القضاء على قوة الأعداء المالية أو التجارية فكان يحارب الانجليز بمنع تجارتهم وسفنهم أن تصل للقارة الأوروبية، والنبي عليه الصلاة والسلام حارب قريشاً في تجارتها وبعث السرايا فى أثر القوافل .
نابليون كان يقدر آراء مجلس الحرب في خططه الحربية ، وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم على رجاحة رأيه استشار أصحابه في كل موقف ؛ فقد عمل بمشورة سلمان الفارسى فى حفر الخندق، ومن جهة مهارة النبي في الاستطلاع فقد عرف في غزوة بدر عدد جيش المشركين من مقدار الطعام الذي يحتاجون إليه .
الحنكة السياسية
نقرأ عهد الحديبية كما وصفه العقاد في عبقريته : " بدأ النبي بالدعوة للحج ولم يقصره فى تلك السنة على المسلمين بل شمل كل من أراد الحج من أبناء القبائل العربية فجعل له وللعرب أجمعين قضية واحدة فى وجه قريش فأفسد على قريش ما تعودته من إثارة العرب وتوجيههم لمناوأة محمد والرسالة الإسلامية " .
خرج النبي برحلة الحديبية حاجاً لا غازياً وأثبت نية السلم للمشركين بدخوله وأصحابه متجردين من السلاح تماما حينما شكوا في نيته مهاجمتهم ، ولما اتفق المسلمون وقريش على التعاهد ظهرت براعة محمد صلى الله عليه وسلم الدبلوماسية فدعا بعلي بن أبي طالب فقال " بسم الله الرحمن الرحيم "
فقال سهيل بن عمرو مندوب قريش :"أمسك!! لا أعرف الرحمن الرحيم، بل اكتب باسمك اللهم"، فقال النبى :"اكتب باسمك اللهم"؛ ثم قال :" (هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو"، فقال سهيل :"امسك ! لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك"، وروى أن علياً تردد فمسح النبى ما كتب بيده، وأمره أن يكتب "محمد بن عبد الله فى موضع محمد رسول الله"؛ ثم تعاهدوا على أن من أتى محمداً من قريش رده عليهم ومن جاء قريشاً من رجال محمد لم يردوه.
وكان عهد الحديبية عهد مهادنة، فلو أن النبى صلَّى الله عليه وسلم شرط على قريش أن ترد إليه من يقصدها من رجاله لنقض بذلك دعوة الهداية الإسلامية فان المسلم الذى يترك النبى باختياره ليلحق قريشاً ليس بمسلم، ولكنه مشرك يشبه قريشاً فى دينها وهى أولى به من نبى الإسلام.
ماذا نعرف عن محمد صلى الله عليه وسلم (الصديق ) ، نعم فقد كان عطوفاً يرام من حوله ويودهم، ويدوم لهم على المودة طول حياته وإن تفاوت ما بينه وبينهم من سن وعرق ومقام، وليس في سجل الإنسانية - كما عبر العقاد - أجمل ولا أكرم من حنانه على مرضعته حليمة، ومن حفاوته بها وقد جاوز الأربعين فيلقاها هاتفاً بها: أمي ! أمي ! ويفرش لها رداءه لتجلس عليه.
عدل سابقا من قبل في الخميس مايو 31, 2007 7:05 pm عدل 1 مرات | |
|
الصادق Admin
عدد الرسائل : 345 تاريخ التسجيل : 04/01/2007
| |